في الأشهر الأخيرة، تقيم نساء يصنعن السلام الإسرائيليات و نساء الشمس الفلسطينيات دورة تأهيل خاصة ومميزة للنساء المعنيات بأن يصبحن ناشطات سلام.
ضمن التأهيل، نحن نركز على مجموعتين لدى كل جانب – قائدات متدينات ومحافظات وكذلك ناشطات من أجل المناخ.
نرى أن هاذين المجالين (المناخ والدين) حاسمان في تعزيز السلام، إلاّ أنه وبشكل عام لا نجد المجموعات السكانية المنخرطة فيهما ناشطة في سياق السلام. وهنا، تتلقى مشتركات التأهيل المعرفة والأدوات لتصبحن تدريجياً سفيرات سلام في مجتمعاتهن الصغيرة وفي تنظيماتهن. كما ويركز التأهيل كثيراً على الدور الهام الذي تلعبه النساء في دفع السلام قدماً.
في القسم الأول من التأهيل والذي اختتم هذا الشهر، كانت كل مجموعة قد اجتمعت وعملت بشكل منفصل، علماً أنه في القريب ستبدأ اللقاءات المشتركة، حيث ستجتمع كل مجموعة مع المجموعة الموازية لها لدى الجانب الآخر لتعمل معها من خلال المشتركات على تطوير مبادرات مشتركة.
يتم هذا المشروع بالشراكة مع الوكالة الأمريكية للشؤون الإنسانية United States Agency for International Development (USAID)، تحت "قانون شراكة السلام في الشرق الأوسط " (The Nita M. Lowey Middle East Partnership for Peace Act – MEPPA) الذي سنّه الكونغرس الأمريكي سنة 2020. يركز هذا القانون والمشاريع القائمة في إطاره، على التعارف الشخصي المباشر ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وذلك لتعزيز الدعم الجماهيري لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سياسياً.
إلى المجموعة الإسرائيلية المتعلقة بالمناخ، وصل 22 إمرأة من مختلف أنحاء البلاد، من الفئة العمرية 24-61، يهوديات وعربيات. بعضهن صاحبات جذور مهنية عميقة في العمل البيئي، بعضهن ناشطات خبيرات، وأخريات يهمهن جداً الشأن المتعلق بالأزمة المناخية والمشاكل البيئية المتنوعة، وترغبن في تعلّم المزيد. جميعهن متحمسات ولديهن الدافعية القوية والفضول والرغبة بالتحرك والمبادرة لأجل ذلك. حتى أنه يمكن القول بأنهن قليلات الصبر تواقات لتحريك سيرورات ومبادرات. كما أن الأفكار التي تُطرح ضمن اللقاءات تنهمر كنبع دفّاق مثيرة فينا الإلهام الكبير.
عُقد حتى الآن أربعة لقاءات عملت على بلورة المجموعة. تشاركنا في التجارب والسيرورات التي خاضتها وتخوضها كل منّا في فهم السياق العميق ما بين أزمة المناخ والمشكلات البيئية، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني (لأن الشعبين يعيشان ضمن حيّز واحد لا يعترف بالحدود ولا بجدران الفصل). تناولنا أيضاً قضايا العدل واللا عدل في مجال البيئة أو المناخ، كيفية تأثيرها علينا جميعاً، وما هي قدرتنا على الإستفادة من هذا الوعي والإدراك إزاء هذه القضايا خدمة للقيام بخطوات تقرّب السلام. كما أن غالبية المشتركات قامت بعرض موجز لنشاطاتها الشخصية والمهنية أمام المجموعة، واقترحن بعض الفرص لتطبيق المعرفة العينية الموجودة لديهن لصالح مشاريع يمكن العمل عليها ضمن البرنامج. كل هذا بعصف ذهني مع مشتركات أخريات بغية التفكير سوية ومناقشة أفكار مطروحة للتطبيق.
في أيلول سبتمبر، ستبدأ اللقاءات المشتركة مع مجموعة ناشطات المناخ التي تقودها حركة نساء الشمس، علماً أن المجموعة هنا تنتظر ذلك بشوق. في الوقت ذاته، تخوض الموجهات ذروة السيرورة المحركة والشيقة في بلورة تتمة الدرب المشتركة مع الموجهات الفلسطينيات. نحن نعرف جميعنا، سواء الموجهات أو المشتركات، أن المجموعتين تأتيان من ظروف حياتية وخبرة ومعرفة تختلف الواحدة عن الأخرى، وننتظر بفارغ الصبر أن نكتشف كيف يمكننا العمل معاً من أجل هدفنا المشترك.
–
أمّا مجموعة المؤمنات الإسرائيلية فهي تضم 23 إمرأة من الفئة العمرية 25 – 65 والتي تأتي من خلفيات دينية متنوعة (يهوديات، مسلمات، مسيحيات ودرزيات). تكمن خصوصية المجموعة في استخدامها القيم والمصطلحات التي تتشارك فيها جميع الديانات لتكون هي المواضيع الرئيسية المفتاحية لكل لقاء: النعمة، العدالة، الحقيقة والحب غير المشروط. إذ يُفتتح ويُختتم كل لقاء بصلاة مشتركة، الأمر الذي يساهم في بث الشعور بالإتحاد وبالإحترام المتبادل. الهدف من هذه السيرورة هو أن يتم تدريجياً بناء الثقة ما بين المشتركات وتشخيص القدرة الكامنة في الدين على تشكيل رافعة نحو تعزيز السلام. وكما ذكرت أكثر من مشترِكة "نحن نؤمن بمعتقداتنا وإحدانا بالأخرى". أمّا الموجهات فكُنّ بمثابة النموذج المحتذى لهذا التدريب، وبذلك شكّلن مصدر إلهام للسيرورة برمّتها.
إنّ السيرورة التي قطعتها المجموعة قد شجعت على التمعن النقدي في الدين، توسيع الآفاق إزاء الذات و"الطرف الآخر"، وكذلك التعرف المعمق على السرديات المختلفة ذات الصلة بالصراع. كان هناك تشديد خاص على تطوير الإصغاء المتعاطف، إيجاد الرأفة الحقيقية اتجاه الآخر وفهم أهمية العمل المشترك. خلال ذلك، يركز التأهيل أيضاً على بناء الثقة داخل المجتمع الإسرائيلي المنقسم على ذاته، ويمتّن القوة الكامنة في الدين بصفته قناة تبني الجسور وتخلق التفاهم المتبادل، ليس فقط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل أيضاً داخل كل واحد من هاذين المجتمعَين. كانت ملاحظات وردود المشتركات إيجابية جداً، لتدل على اجتيازهن سيرورة هامة فتحت أمامهن وجهات نظر جديدة بالغة القيمة.
إننا ننتظر بفارغ الصبر البدء بالقسم الثاني من التأهيل، حيث ستلتقي كل مجموعة مع المجموعة الموازية لها لدى الجانب الفلسطيني، حيث يتواصل بناء الجسور ومبادرات مشتركة تخرج إلى النور في هذا العالم.
نحن ممتنات ولدينا كبير التقدير للموجهات الرائعات اللواتي عملن مع مجموعات نساء يصنعن السلام، وقدنها ضمن هذه السيرورة المركّبة وفي لحظات مليئة بالتحديات المؤثّرة جداً: رئيفة حكروش وبيتا فلاح، موجهتا مجموعة المؤمنات، منى شاهين وفيريد سلدينغر، موجهتا مجموعة الناشطات من أجل المناخ. الشكر الكبير أيضاً لنيطاع كيند، التي تركز هذا التأهيل بمهنية عالية.